» » ثقافة دينية 11 ... الفقه في الدين


ثقافة دينية 11 ... الفقه في الدين



قال رسول الله صل الله عليه وسلم ( مَنْ يُرِدِ الله بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ) متفق عليه.


الحمد لله
روى البخاري (71) ، ومسلم (1037) عن مُعَاوِيَةَ بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَنْ يُرِدِ الله بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ).
والفقه في اللغة : هو الفهم ، ثم غلب إطلاقه على فهم الدين والشرع . 

قال العيني رحمه الله :
" قَوْله : (يفقهه) أَي : يفهمهُ ، إِذْ الْفِقْه فِي اللُّغَة الْفَهم . قَالَ تَعَالَى : ( يفقهوا قولي ) طه/ 28 ، أَي : يفهموا قولي ، من فقه يفقه ، ثمَّ خُص بِهِ علم الشَّرِيعَة ، والعالم بِهِ يُسمى فَقِيها " انتهى من "عمدة القاري" (2/42) ، وينظر: " فتح الباري" (1/ 161) . 

فالفقه في الدين : معرفة أحكام الشريعة بأدلتها ، وفهم معاني الأمر والنهي ، والعمل بمقتضى ذلك ، فيرث به الفقيه الخشية من الله تعالى ومراقبته في السر والعلن .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الْفِقْهُ فِي الدِّينِ : فَهْمُ مَعَانِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ، لِيَسْتَبْصِرَ الْإِنْسَانُ فِي دِينِه ِ، أَلَا تَرَى قَوْله تَعَالَى : ( لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) التوبة/ 122 . فَقَرَنَ الْإِنْذَارَ بِالْفِقْهِ ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْفِقْهَ مَا وَزَعَ عَنْ مُحَرَّمٍ ، أَوْ دَعَا إلَى وَاجِبٍ ، وَخَوَّفَ النُّفُوسَ مَوَاقِعَهُ ، الْمَحْظُورَةَ " .

انتهى من"الفتاوى الكبرى" (6/ 171) ، وينظر : "مجموع الفتاوى" (20/ 212) . 
وقال النووي رحمه الله :
" فِيهِ فَضِيلَةُ الْعِلْمِ ، وَالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ ، وَالْحَثِّ عَلَيْهِ ؛ وَسَبَبُهُ : أَنَّهُ قَائِدٌ إِلَى تَقْوَى اللَّهُ تَعَالَى ". انتهى من " شرح النووي على مسلم " (7/ 128) .

فتحصل من ذلك : أن الفقه في الدين هو : فهم مراد الله من عباده ، سواء كان مراده تصديقا لخبر ، أو عملا بأمر ، أو انتهاء عن نهي ، وليس فهم العلم فحسب ؛ بل الفهم الحامل لصاحبه على الامتثال ، ثم الناس يتفاوتون في ذلك ، علما وعملا وحالا ؛ فمن مقل ومستكثر ، وقد جعل الله لكل شيء قدرا . 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" كُلُّ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا لَا بُدَّ أَنْ يُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ ، فَمَنْ لَمْ يُفَقِّهْهُ فِي الدِّين ِ، لَمْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا ، وَالدِّينُ : مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ ؛ وَهُوَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ التَّصْدِيقُ بِهِ وَالْعَمَلُ بِهِ ، وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُصَدِّقَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ ، وَيُطِيعَهُ فِيمَا أَمَرَ ، تَصْدِيقًا عَامًّا ، وَطَاعَةً عَامَّةً ". 
انتهى من " مجموع الفتاوى " (28/ 80).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" هذا الحديث العظيم يدلنا على فضل الفقه في الدين.

والفقه في الدين هو : الفقه في كتاب الله عز وجل ، والفقه في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الفقه في الإسلام من جهة أصل الشريعة ، ومن جهة أحكام الله التي أمرنا بها ، ومن جهة ما نهانا عنه سبحانه وتعالى ، ومن جهة البصيرة بما يجب على العبد من حق الله وحق عباده ، ومن جهة خشية الله وتعظيمه ومراقبته ؛ فإن رأس العلم خشية الله سبحانه وتعالى ، وتعظيم حرماته ، ومراقبته عز وجل فيما يأتي العبد ويذر ، فمن فقد خشية الله ، ومراقبته فلا قيمة لعلمه ، إنما العلم النافع . 

والفقه في الدين الذي هو علامة السعادة ، هو العلم الذي يؤثر في صاحبه خشية الله ، ويورثه تعظيم حرمات الله ومراقبته ، ويدفعه إلى أداء فرائض الله وإلى ترك محارم الله ، وإلى الدعوة إلى الله عز وجل ، وبيان شرعه لعباده . 

فمن رزق الفقه في الدين على هذا الوجه : فذلك هو الدليل والعلامة على أن الله أراد به خيرا ، ومن حرم ذلك ، وصار مع الجهلة والضالين عن السبيل ، المعرضين عن الفقه في الدين ، وعن تعلم ما أوجب الله عليه ، وعن البصيرة فيما حرم الله عليه : فذلك من الدلائل على أن الله لم يرد به خيرا .

فمن شأن المؤمن طلب العلم والتفقه في الدين ، والتبصر ، والعناية بكتاب الله والإقبال عليه وتدبره ، والاستفادة منه والعناية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتفقه فيها ، والعمل بها ، وحفظ ما تيسر منها ، فمن أعرض عن هذين الأصلين ، وغفل عنهما : فذلك دليل وعلامة على أن الله سبحانه لم يرد به خيرا ، وذلك علامة الهلاك والدمار ، وعلامة فساد القلب وانحرافه عن الهدى " .
انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (9/ 129-130).

والله تعالى أعلم .



عن موقع Nnn

موقع هدف.نت يهتم في جمع الاسرى العربية بصفحة و احدة لجميع فئات العمر دون خوف دوي متابعينا صغار السن حيث نراعي ثقافتنا الاسلامية والعربية المجتمعية بما يتم مشاركته من الكتاب و المحررين في الموقع
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث