فريق بايرن ميونيخ هذا النادي الذي يحمل الرقم القياسي في عدد مرات التتويج بلقب الدوري الألماني يبسط هيمنته منذ أعوام على الصعيد المحلي، كما أنه عاد أيضاً في السنوات الأخيرة إلى التألق وبلوغ القمة في المسابقات الدولية.
ميلاد الفريق
في 29 فبراير/شباط 1990 قرر بعض أعضاء نادي م-ت-ف ميونيخ وعددهم 17شخصاً تأسيس نادي كرة قدم أطلقوا عليه اسم نادي بايرن ميونيخ وقد تم التوقيع على وثيقة التأسيس في مطعم "جيزيلا" في وسط مدينة ميونيخ.
ولأسباب تنظيمية انضم الفريق بعد فترة وجيزة من تأسيسه إلى نادي سبورت كلوب ميونيخ (أم-سي-ك) لكنه ظل محافظاً على استقلاليته باستثناء ألوان القمصان التي حددها له (أم-سي-ك). ومنذ ذلك الوقت وفريق بايرن ميونيخ يلعب بقمصان بيضاء وسراويل حمراء.
بلغ عدد أعضاء بايرن ميونيخ عام 1920 حوالي 700 عضواً وكان بذلك أكبر نادي لكرة القدم في ميونيخ. كما لم يتأخر الفريق كثيراً في إحراز أول لقب وكان ذلك عام 1932 عندما توّج بلقب "فيكتوريا" وهو الإسم الذي كان يطلق على الدوري الألماني آنذاك. وقد توجهت الكثير من الجماهير بواسطة الدراجات الهوائية إلى مدينة نورمبرج (التي تبعد عن ميونيخ بحوالي 80 كيلومتر) لمتابعة المباراة النهائية التي فاز فيها بايرن ميونيخ على أينتراخت فرانكفورت بنتيجة 2-0. بعدها تحول فريق شارع زيبينير شتراسه إلى أحد أقوى الفرق في الكرة الألمانية.
احتاجت الرياضة الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية لبعض الوقت حتى تسترجع نشاطها السابق.
وفي عام 1957 احتفل بايرن ميونيخ بالفوز للمرة الأولى في تاريخه بكأس ألمانيا. ولكن بعد ذلك تلقى الفريق صفعة قوية عندما استبعد عام 1963 من المشاركة في الموسم الأول للدوري الألماني.
لكن في عام 1965 نجح البايرن تحت قيادة المدرب الراحل زلاتكو تشايكوفسكي من التأهل للدوري الألماني.
وقد كان الفريق آنذاك يضم في صفوفه مواهب شابة مثل سيب ماير وجيرد مولر وفرانز بيكنباوروكان لهذا الثلاثي دور كبير في صعود نجم بايرن ميونيخ.
فبمجرد ما بدأ الفريق يلعب في الدوري الألماني حتى بدأ مسلسل التألق المستمر الى الآن.
وقد أنهى البايرن أول موسم له في الدوري الألماني في المركز الثالث كما فاز في ذات العام بكأس ألمانيا.
وشهد عام 1997 بداية تألق الفريق على الصعيد الدولي بعد تتويجه بكأس الكؤوس الأوروبية إثر تغلبه في المباراة النهائية على فريق جلاسكو رينجرز بنتيجة 1-0.
بعد هذا التتويج بدأت الحقبة الذهبية لفريق بايرن ميونيخ، حيث تمكن من الفوز بجميع الألقاب الممكنة بقيادة نجوم كبار مثل ماير ومولر وبيكنباور.
وبين 1968 و1976 أحرز الفريق لقب الدوري أربع مرات وتوج مرتين بكأس ألمانيا كما فاز ثلاث مرات بكأس أوروبا للأندية البطلة (أعوام 1974 و1975 و1976) بالإضافة إلى كأس الإنتركونتيننتال (1976). غير أن هذا اللقب كان هو الأخير للبايرن في ذلك العقد.
بعد ذلك حدث تحول في مسار الفريق حيث غادره بيكنباور ومولر للإحتراف في الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن بعد تسلم أولي هونيس مهام منصب مدير النادي عام 1979 وهو لم يتجاوز الـ27 عاماً بدأ عهد جديد في تاريخ النادي، حيث تمكن البايرن من العودة لمعانقة الألقاب وفاز بفضل نجوم مثل بول برايتنر وكارل هاينز رومينيجه بلقب الدوري عام 1980 لأول مرة منذ ست سنوات. وفي عام 1982 فشل الفريق في إحراز كأس أوروبا للأندية البطلة رغم أدائه الجيد أمام أستون فيلا. وتكرر نفس السيناريو بعد خمسة أعوام عندما انهزم الفريق البافاري في البطولة ذاتها أمام أف سي بورتو بحصة 1-2.
وبينما كان بايرن ميونيخ يحصد اللقب تلو الآخر على الصعيد المحلي، كان عليه الإنتظار حتى عام 1996 للتتويج بلقب دولي جديد تمثل في الفوز بكأس الإتحاد الأوروبي UEFA بعد تفوقه مرتين على بوردو (2-0 في بوردو و3-1 في ميونيخ).
كما شهدت بداية الألفية الجديدة تحقيق البايرن لنجاحات كبيرة. فبعد خسارته عام 1999 لنهائي دوري أبطال أوروبا UEFA أمام مانشستر يونايتد بنتيجة 2-1 بالبرغم من تقدمه حتى الثواني الأخيرة بعشرة لاعبين عاد الفريق عام 2001 لمعانقة اللقب تحت إشراف المدرب أوتمار هيتسفيلد بعد أن فاز على فالنسيا في ميلانو بركلات الترجيح 5-4، وقد شهدت هذه المباراة تألق الحارس أوليفر كان الذي تمكن من صد ثلاث ضربات ترجيح. وفي نفس العام تمكن البافاريون أيضاً من إحراز كأس الإنتركونتيننتال بعد فوزهم بنتيجة 1-0 على بوكا جونيورز بوينوس آيريس وقد حمل الهدف توقيع الغاني صامويل كوفور.
بعد ذلك شهدت كرة القدم في جنوب ألمانيا بعض الركود مرة أخرى كما طرأت بعض التغيرات داخل بايرن ميونيخ، حيث انتقل الفريق من اللعب في الملعب الأوليمبي التاريخي الواقع وسط ميونيخ إلى ملعب أليانز أرينا بضواحي المدينة، كما ترك أولي هونيس عام 1999 منصب إدارة النادي لخلفه كريستيان نيرلينجر وتولى هو مهام الرئيس. وانتقل بعد ذلك لمتابعة مباربات فريقه من المدرجات بعد أن ظل طيلة 30 عاماً يجلس إلى جانب المدرب في دكة البدلاء.
بعد سلسلة من التغيرات التي طرأت على الإدارة الفنية للنادي استلم الهولندي لويس فان جال مهمة تدريب بايرن ميونيخ عام 2009 وقام بإدخال تغييرات على أسلوب لعب الفريق وضم إلى صفوفه لاعبين شباب من فرق الناشئين. ليعلو مرة أخرى نجم الجنوب في السماء كما يردد البافاريون في نشيد ناديهم. ويرجع الفضل لفان جال في اكتشاف لاعبين شباب مثل هولجر بادشتوبر و توماس مولر و دافيد ألبا. كما قام فان جال أيضاً بتحويل باستيان شفاينشتايجر من اللعب في الأطراف إلى اللعب في وسط الميدان. ولم ينتظر فان جال طويلاً لإحراز الألقاب، حيث تمكن عام 2010 من الفوز بلقب الدوري والكأس وقاد فريقه للمباراة النهائية في دوري أبطال أوروبا لكنه خسرها في مدريد أمام إنتر ميلان (2-0).
تعرّض فان جال للكثير من الإنتقادات بسبب أسلوبه الحاد. وهو ما دفعه لترك الفريق عام 2011 ليخلفه في منصبه يوب هاينكس الذي نجح في قيادة الفريق منذ الموسم الأول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا. وقد أتيحت لفريق بايرن ميونيخ الفرصة ليكون أول فريق يتوّج بدوري أبطال أوروبا على ملعبه. لكن البافاريون لم يحافظوا على تقدمهم في المباراة النهائية أمام تشيلسي بهدف مولر، حيث أدرك ديدييه دروجبا التعادل لفريقه في آخر لحظات المباراة ليتأجل الحسم إلى الأشواط الإضافية. وفشل آريين روبن في حسم نتيجة المباراة بعد إضاعته ضربة ترجيح ليلجأ الفريقان إلى الضربات الترجيحية التي انهزم فيها بايرن ميونيح بالرغم من تصدي مانويل نوير للضربة الأولى.
وخرج بايرن ميونيخ خالي الوفاض في موسم 2012 حيث ذهب لقب الدوري وكأس ألمانيا إلى غريمه التقليدي بايرن ميونيخ. غير أن هذه النكسات جعلت البايرن يبدأ الموسم الموالي أكثر قوةً. وفي هذا الموسم تسلم ماتياس زامر مهمة المدير الرياضي من نيرلينجر.
بعد ذلك قدم الفريق موسماً استثنائياً. فقد فاز في موسم 2013 بلقب الدوري وحطم الكثير من الأرقام القياسية تحت إشراف مدربه يوب هاينكس. كما فاز في ذلك الموسم أيضاً بكأس ألمانيا وتأهل للمرة الثالثة في غضون أربع سنوات لنهائي دوري أبطال أوروبا والذي فاز فيه على بوروسيا دورتموند في ملعب ويمبلي بنتيجة 2-1 محرزاً بذلك الثلاثية وهو إنجاز غير مسبوق في كرة القدم الألمانية.
وأكمل الأسباني جوسيب جوارديولا، الذي خلف هاينكس على رأس الجهاز الفني لفريق بايرن ميونيخ، مسلسل التألق وقاد الفريق لإحراز كأس السوبر قبل أن يتوج الموسم بلقب خامس أواخر عام 2013 بإحرازه كأس العالم للأندية المغرب 2013 FIFA.
يعتبر الكثيرون بايرن ميونيخ أفضل فريق في العالم ليس بسبب الألقاب التي حصل عليها فحسب وإنما أيضاً للكم الهائل من اللاعبين الدوليين الذين يمارسون في صفوفه والمواهب الكروية الشابة التي تلتحق باستمرار بالفريق، بالإضافة إلى إشراف جوارديولا على الفريق وهو واحد من أنجح المدربين في تاريخ كرة القدم. ويرغب البافاريون في الأعوام المقبلة كتابة حقبة ذهبية جديدة في تاريخ النادي مثل ما فعلوا مع ماير وبيكنباور وجيرد مولر في حقبة السبعينات.
الملعب
أصبح بايرن ميونيخ منذ موسم 2005-2006 يستقبل ضيوفه في ملعب آليانز أرينا شمال ميونيخ. ويتسع هذا الملعب الذي أقيمت فيه بعض مباريات كأس العالم ألمانيا 2006 FIFA لحوالي 71 ألف متفرج. ويتقاسمه بايرن ميونيخ مع فريق المدينة الآخر ميونيخ 1860 الذي يلعب في الدرجة الثانية.